أكد الفنان الكبير دريد لحام أن السوريين هم وحدهم القادرون على حل الأزمة في سورية، إذ إن لا أحد سيحل أزمتها إلا أبناءها عبر الجلوس إلى طاولة الحوار، مبيناً أن هناك تحولاً عالمياً في فهم ما يحصل في سورية يمكن أن يجبر الأطراف على الحوار.
ولفت الفنان لحام في مقابلة مع قناة «الميادين» الفضائية إلى وجوب عدم رهن الأمور إلى قوى خارجية والجلوس معاً كسوريين لحل الأزمة من خلال الحوار وتقرير ماذا نريد للوصول إلى نتائج تمنع المزيد من الدمار والقتل والتخريب، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه من المؤلم أنه لم يبق ملك أو رئيس أو مسؤول أو حتى سياسي أو شبه سياسي إلا وتحدث «باسم الشعب السوري» من دون أن يخطر في بالهم جميعاً أن يسألوا الشعب السوري ماذا يريد؟!.
وأوضح لحام أن هناك حملة ممنهجة لتشويه كل شيء في سورية وتدميرها وحرقها متسائلاً: ماذا يريدون من هذا البلد ليأتي أشخاص من 80 دولة من العالم يقتلون الشعب السوري باسم الحرية والديمقراطية وهم أتوا من بلاد لم تعرف الديمقراطية والحرية ولم تسمع بهما؟
ورأى الفنان لحام أن ما يحصل في سورية هو مؤامرة تقودها القوى الخارجية التي تريد تدمير سورية واستغلت بعض مطالب الناس متسائلاً: كيف يمكننا ِأن نفهم وجود أنفاق محفورة تحت الأرض بعضها بطول 300 و400 متر وبعمق عشرة أمتار.. هذه لم تحفر خلال أربع وعشرين ساعة بل من سنين ولذلك فالأمور كانت مبيّتة لسورية منذ البداية بسبب موقفها المقاوم.
وتساءل لحام: ماذا فعلت سورية كي تنهبوا آثارها وتدمروا حضارة وتراث وتاريخ شعبها؟!.. هناك حقد على سورية وتخريب ممنهج لها ولا سيما ما طال معامل حلب التي تعد من أهم المعامل في الشرق الأوسط للأقمشة والتي فككت وهربت إلى تركيا.
وشدّد لحام على أن «الثورة» يجب أن تحمل علائم الخير وليس أن تقتل الشعب وتدمر بلدها كما يحصل اليوم في سورية فنحن لم نسمع يوماً عن ثورة نسفت محطة قطار للمدنيين أو دمرت محطة كهرباء أو فجرت سيارات مفخخة في مكان عام.
وأشار الفنان لحام إلى أن سورية بلد حضارته تمتد إلى 6000 سنة وهي مثال على مستوى العالم بالعيش المشترك بين كل الأديان والنساء يخرجن بعد منتصف الليل من دون خوف أما الآن فإن الناس يبقون في منازلهم منذ السابعة مساء من الخوف والرعب والقنابل والقنص.
واستنكر لحام استخدام السلاح الكيميائي في سورية، معتبراً أن حصار سورية اقتصادياً هو بمنزلة استخدام سلاح دمار شامل من أمريكا وغيرها إذ يموت مئات الأطفال والشيوخ بسبب نقص الدواء والحليب.
ورأى لحام أنه يجب التفريق بين مصطلحي «النظام والسلطة» فالفرق بينهما كبير فالنظام هو كل شيء ضد الفوضى، متسائلاً: ماذا كان سيحصل لو انهارت الدولة في سورية؟، معتبراً في الوقت ذاته أن السلطة ارتكبت بعض الأخطاء في بداية الأحداث، إلا أنها حتى لو تعاملت بكل اللطف والعدالة فإن الأمور لم تكن لتتغير، لأن المؤامرة وقرار العدوان مرسومان مثل ما حصل في عدوان 2006 على لبنان.
واعتبر لحام أن الأحداث في سورية ابتدأت في درعا على أساس حراك مطالب محقة وذهبنا نحن الفنانين وأصدرنا بياناً نطلب فيه تحقيقاً شفافاً بسبب هذه الأحداث ومعاقبة المتسببين، مشيراً إلى أنه ومنذ عمله في مسرح الشوك عام 1969 دخل السجن «لأنني أتكلم عن الحرية والديمقراطية والعدالة وما أزال على هذا الموقف حتى اليوم».
وأكد لحام أن الجندي الحر لايهرب من المعركة ولا أحد يستطيع أن يشتري موقفه في إشارة إلى عدم مغادرته سورية وتمسكه بموقفه الوطني، مضيفاً: إنه تعرض للكثير من التهديدات بالقتل بسبب موقفه، معتبراً أن الوطن هو الذاكرة للإنسان وليس فندقاً عندما تعجبنا الخدمة فيه نبقى وحين لا تعجبنا نغادر إلى فندق آخر.
وأشار لحام إلى أن تقسيم السوريين «كمعارضة وموالاة» هو تقسيم ظالم وجعل الناس على ضفتين مختلفتين، إذ إن كل السوريين الذين يصنفونهم بأنهم موالاة هم ضد الفساد ولا أحد ممن يسمونهم «معارضة» يحزن حين يرى إنجازاً خيراً للسلطة، مبيناً أنه قبل المناداة بالحرية والديمقراطية يجب أن نفهمهما من خلال احترام الرأي والرأي الآخر.
ولفت لحام إلى أن الجميع كان يتوقع أن يكون الدمار الذي لحق بسورية سببه حرب مع «إسرائيل» مثل ما دمرت في لبنان وليس من بعض الأشقاء والأصدقاء وبعض أبنائها معبّراً عن حزنه من أن يصبح السوري مهجّراً في يوم من الأيام.
وأشار لحام إلى الأوضاع الصعبة التي يعيشها المهجرون السوريون في المخيمات المجاورة، مشدداً على أن حرية وديمقراطية العالم كله تافهة أمام آلام عائلة سورية مهجّرة موجودة تحت خيمة أو أمام دمعة طفل متجمد من البرد.
وأوضح لحام أن استقالته من منصب سفير النيات الحسنة للأمم المتحدة عام 2006 جاء احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على لبنان، كما أن خلافه مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف كان بعد زيارته بوابة فاطمة والقول بأنه صديق المقاومة وهذا ما أزعج «إسرائيل»، مبيناًً أنه لو كان في ذات المنصب اليوم فإن قضيته واهتمامه سيكونان نحو اللاجئين، مؤكداًً استعداده للمساعدة وخدمة اللاجئين إذا أتيحت له الفرصة من دون انتظار أي منصب.
وأعرب الفنان لحام عن تمنياته بأن يستطيع إنتاج فيلم عن الأزمة في سورية ولا سيما فيما يتعلق بما تعانيه النساء السوريات في المخيمات والاستغلال الذي يتعرضن له.