تكثفت الحركة الدبلوماسية بين دمشق وباريس هذا الأسبوع، فرد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سريعاً على الرسالة الشفهية للرئيس بشار الأسد التي كان نقلها له وزير الخارجية السوري وليد المعلم منذ أيام خلال لقائه إياه، برسالة شفهية جوابية نقلها أمس أمين عام الرئاسة الفرنسية كلود غيان ومعه المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي جان ديفيد ليفيت. وبينما شدد البيان الرئاسي في دمشق على أن المحادثات ركزت على الجهود الفرنسية والأطراف الإقليمية والدولية لوضع أسس حل سلمي عادل ودائم في المنطقة، ذكرت مصادر رسمية فرنسية في باريس لـ«الوطن» أن الزيارة تندرج في إطار «الحوار المنتظم عالي المستوى مع سورية». وقال بيان رئاسي سوري إن الرسالة الرئاسية الفرنسية كانت مرتبطة بـ«العلاقات الثنائية وآخر التطورات في منطقة الشرق الأوسط والجهود التي تبذلها فرنسا مع الأطراف الإقليمية والدولية لوضع أسس مقبولة للتوصل إلى حل سلمي عادل ودائم وشامل في المنطقة».
وأضاف البيان: إن الرئيس الأسد من جهته عرض خلال اللقاء «رؤية سورية من القضايا المطروحة ولاسيما موضوع السلام حيث أكد أنه من دون قبول إسرائيل لمرجعية عملية السلام وقرارات مجلس الأمن ومبدأ الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 فإن السلام لا يمكن أن يتحقق في المنطقة».
وتابع البيان: «كان هناك اتفاق حول أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية في أسرع وقت ممكن ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة ووقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة فوراً وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في إطار تحقيق سلام عادل وشامل».
ونقلت وكالة الأنباء السورية عن غيان قوله إن فرنسا «مرتاحة للمستوى الذي وصلت إليه العلاقات الفرنسية السورية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، والتي تتطور بشكل بناء وثابت وإيجابي جداً»، مؤكداً «إصرار الرئيس ساركوزي على تعزيز هذه العلاقات واستثمارها بما يخدم مختلف القضايا المطروحة إقليمياً ودولياً مشدداً على أهمية الدور الذي تضطلع به سورية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
وكان لافتاً الغياب التام للبنان عن البيان الرسمي السوري، حيث لفتت مصادر مراقبة إلى أن العلاقات مع فرنسا «تجاوزت لبنان» إلى مسائل إقليمية أوسع ولاسيما «العراق والقضية الفلسطينية وعملية السلام».
وليس معروفاً إن كان الجانب الفرنسي كرر الحديث في فكرة عقد مؤتمر سلام لدول المتوسط تحت مظلة الاتحاد من أجل المتوسط وهي فكرة لا تلقى حماسة في دمشق، وخصوصاً في ضوء تعثر الحركة في عملية السلام ووجود حكومة يمين متطرف في إسرائيل ناهيك عن الإصرار السوري على الدور التركي الراعي في هذه العملية.
وفي باريس، لم يعلن قصر الرئاسة الفرنسية (الإليزيه) عن زيارة غيان وليفيت إلى دمشق، التزاماً بمبدأ عدم التصريح عن تحركات المستشارين، وقالت مصادر رسمية فرنسية لـ«الوطن»: «هناك زيارات متبادلة بشكل دائم بين دمشق وباريس وليس بالضرورة أن يكون هناك أمور محددة ليزور مستشارو الرئيس دمشق».
وأوضحت المصادر الفرنسية أن اللقاء بين الوفد الفرنسي والرئيس بشار الأسد كان مناسبة لطرح «العلاقات الثنائية» بين باريس ودمشق، والقضايا الإقليمية وخاصة عملية السلام والخطوات الممكن اتخاذها بعد اجتماعات نيويورك، وقالت المصادر: «المحادثات كانت عبارة عن جولة أفق شملت مختلف المواضيع ولم تتركز على موضوع محدد».
وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير على الهواء مباشرة في برنامج إذاعي وتلفزيوني عندما وصل خبر لقاء غيان الرئيس الأسد، وسئل الوزير عن هذه الزيارة ومن باب السياسة الفرنسية الداخلية، وعما إذا كان هناك دبلوماسية واحدة أو اثنتان، فرد أنه على علم بالزيارة وأن غيان وليفيت سيتجهان إلى الإمارات العربية المتحدة بعد دمشق، دون الخوض في تفاصيل الزيارة، ودافع عن دوره على رأس الدبلوماسية مذكراً بأنه يلتقي غيان وليفيت أسبوعياً للحديث عن «التكاملية» بين عمل الإليزيه والكي دورسيه.
وتطرق كوشنير في البرنامج نفسه على إذاعة «ار تي ال» إلى فترة إحياء العلاقات مع سورية، وقال: «عندما أحيينا علاقاتنا مع سورية حليف إيران الوفي، قال لنا الأميركيون في البداية إن هذا معيب»، مضيفاً: «انظروا الآن دبلوماسية فرنسا يحسب حسابها في العالم»، وأشار إلى زيارات المبعوث الأميركي جورج ميتشل إلى دمشق، واستطرد: «لا أعرف متى لكن سنرى السيناتور ميتشل مجدداً في دمشق... نحن نحاول، وسورية فهمت ذلك، لقد فتحت اللعبة لتخفيف التوتر».
وحضر اللقاء بين الرئيس الأسد وغيان كل من وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ونائب وزير الخارجية فيصل المقداد ومعاون وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة والمستشار الفني في رئاسة الجمهورية الفرنسية نيكولا غالي والسفير الفرنسي في سورية إيريك شوفالييه.
الإثنين أكتوبر 05, 2009 3:02 pm من طرف اليزابيث الأولى بكنجهام