ما فرطنا في الكتاب من شيء
تعتبر كيفية توصيل المعلومة للناس من أهم أسس المعرفة ونقلها، وإذا ما تفكرنا وتدبرنا أول آية في التنزيل وهي (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، لوجدنا أن الحق في هذه الآية الكريمة يعظ الإنسان بأن يطلب المعرفة (اقرأ)، ولكن السؤال الآن هو عن المصدر الذي يريد الله عز وجل للإنسان أن يأخذ معرفته منه. زيد غزّاوي
غالبية المسلمين اعتمدوا في مصدر معرفتهم على اجتهادات أناس مثل نيوتن، فرويد، وغيرهم بإتباعهم لأهوائهم بغير هدى من الله، والشيء الخطير في هذا هو أن اجتهادات الناس من الممكن أن تصيب وتخطئ مما يؤدي إلى التجربة والخطأ، وقد يضيع على الإنسان سنوات من عمره في الخطأ والتجربة، وحياة ووقت الإنسان أثمن بكثير من هذا. ومن آثار إتباع الإنسان لأهواء أناس آخرين هو أن يصبح الإنسان المسلم ممسوح الشخصية ويعاني انعدام الثقة بنفسه و قدراته ودينه. ومن توابع هذا الأمر أيضا بأن يصبح الإنسان المسلم متلقي ذليل للآخرين. والله عز وجل لا يريد ذلك للمؤمن.
يمكن تعلم مصدر المعرفة التي يريدها الحق للإنسان من التفكر في أول آية في التنزيل (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، اقرأ أي أطلب المعرفة باسم ربك وأسم الرب هو الله أي أقرأ باسم الله، أي أقرأ وأطلب المعرفة من الكتاب الذي يبدأ باسم الله، والكتاب الوحيد الذي يبدأ باسم الله هو القرآن الكريم. فإذا مصدر المعرفة الوحيد الذي يريده الله عز وجل للإنسان هو كتابه القرآن الكريم.
يمكن إيجاد دليل صدق على هذا الاستنتاج من القرآن الكريم في سورة البقرة (آية 282) بقوله تعالى:"وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، اتقوا الله أي اعتصموا بالله و لتكن عندكم مخافة الله عز وجل ويعلمكم الله أي يعلمكم الله عز وجل من علمه وعلم الله عز وجل موجود في القرآن الكريم، أي لم يذكر الله عز وجل مصدر للعلم غير القرآن الكريم.
يؤدي اعتماد الإنسان المسلم على القرآن الكريم إلى تعلمه لعلم يقيني من الله عز وجل في القرآن الكريم لا يحتمل الخطأ، وإلى معرفة العلم الصحيح بدون أسلوب التجربة والخطأ، ويؤدي أيضا إلى بناء الشخصية وحب الله عز وجل ورسوله، ويكون الإنسان المؤمن المعلم للآخرين وليس المتلقي الذليل مما يضمن له العزة والرفعة. ويؤكد ذلك الله عز وجل في كتابه في (سورة المنافقون آية
"وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ". فتفكر يا أخي المسلم في مرجعيتك في المعرفة.
فلكي يعتصم الإنسان المسلم بالقرآن الكريم فقط، يجب أن يحتوي القرآن الكريم على كافة المعارف "من علوم، هندسة، معاملات، عبادات" وغيرها من المعارف بشكل تام وكامل. يبين الله عز وجل ذلك في القرآن الكريم في سورة البينة (الآيات 2-3) "رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً , فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ"، حيث أن المقصود بالصحف المطهرة هي القرآن الكريم، ولكن ما هو تفسير "فيها كتب قيمة"؟
تفسير ذلك هو أن القرآن الكريم يحتوي في داخله على كتب قيمة تحتوي على كافة أنواع المعارف، على سبيل المثال كتاب يحتوي على معرفة المعاملات بشكل تام وكامل، كتاب في كيفية فهم خلق الله عز وجل، كتاب في القضاء، كتاب في القصاص، كتاب في التربية، وغيرها من الكتب القيمة التي تحتوي على كافة المعارف. أي أن القرآن الكريم يحتوي على علم الخلق بالكامل من عند الخالق. ويؤكد الله عز وجل هذا الأمر في (سورة الأنعام آية 38 ) "مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ"، أي أن الله عز و جل لم يفرط "أي لم يترك" أي شيء خارج القرآن الكريم أي أن القرآن الكريم يحتوي على علم كل شيء.
الآن إلى كيفية تعلم علم الصحافة من القرآن الكريم، يعلمنا الحق جل وعلى الطريقة المثلى لفهم والاستفادة من كتابه في سورة محمد (آية 24) "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا"، حيث يبين الحق أن التدبر والتفكر في القرآن الكريم هو الطريقة المثلى لفهم الكتاب وليس عن طريق القراءة السردية للقرآن. فسنتعلم إن شاء الله علم الصحافة عن طريق التدبر والتفكر في القرآن الكريم.
يريد الله عز وجل أن يصل كتابه إلى الناس أجمعين وأن ينجذب جميع الناس إلى الكتاب. ولتحقيق ذلك يجب أن المعلومة في القرآن الكريم مكتوبة ومعروضة بطريقة تحقق ذلك وهذا هو أفضل صحافة وعرض وتوصيل للمعلومة. فإذا إذا ما تفكرنا في كيفية كتابة الله عز وجل للقرآن الكريم وكيفية توصيله للمعلومة فيه فإنا نتعلم أفضل منهاج فينقل المعرفة أو الخبر بلغة الإعلام وهناك أمثله عديدة على تنوع أساليب القرآن ومنها:.
جذب انتباه الناس إلى كتابه
يعلم الله عز وجل بأن عبادة يختلفوا في اهتماماتهم، فمنهم من يهتم بالفيزياء ومنهم بالقانون ومنهم بالتاريخ ولذلك لجذبهم إلى كتابه فإن الله عز وجل وضع فيه جميع المواضيع بقوله: "ما فرطنا في الكتاب من شيء". لأن الله عز وجل يريد الهداية لعبادة وأن يرجعوا إلى كتابه. وعندما يريد باحث او اعلامي أن يجذب فئة معينة من الناس إلى بحث او كتابه اوجريدته فإنه يضع العناوين الرئيسية في مواضيع تهم هذه الفئة، مثل أسعار النفط إذا كانت الفئة المستهدفة ممن يتجرون في النفط. الفئة المستهدفة في القرآن الكريم هي الناس كافة، فإذا يجب أن يكون هناك موضوع يهم كل فئة من فئات الناس.
سورة الفاتحة ومواضيع القرآن الكريم
تعدد أساليب عرض المعلومة
يستخدم الله عز وجل عدة أساليب لعرض المعلومات في الموضوع الواحد ومن هذه الأساليب:
و ميزات هذا الأسلوب هي كما يلي:
- إذا كان الموضوع كله فيه قوة فذلك من الممكن أن يؤدي إلى نفور رقيق القلب منه
- إذا كان الموضوع كله رقيق فإن ذلك من الممكن أن لا يؤثر في قاسي القلب
فيعلمنا الله عز وجل أن نعرف الجمهور الذي سيعرض له الموضوع وتنويع طريقة توصيل المعلومة باستخدام أسلوب الرقة والقوة، وهنا نلاحظ معرفة الله عز وجل بعبادة وأن فيهم رقيق وقاسي القلب ولذلك يستخدم الله عز وجل ثلاثة أساليب في عرض المعلومة. و نلاحظ أيضا أن الله عز وجل يبدأ بالأسلوب الرقيق قبل القاسي، فمثلا في قوله تعالى:"والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ، أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (سورة البقرة آية 4-5) ومن ثم في آية السادسة من نفس الصورة "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ" أسلوب متوسط القوة و في الآية السابعة بقوله: "خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ" أسلوب قوي في توصيل المعلومة.
فعلى سبيل المثال عند معالجة موضوع معين مضار التدخين مثلا فإذا استخدم الكاتب أو المقدم للموضوع أسلوب قوي مثل سيحدث لك كذا وكذا فالإنسان رقيق القلب من الممكن أن لا ينتبه للموضوع ولا يعيره اهتماما لأنه خائف وعنده نفور من أسلوب التقديم. فالأولى أن يتم إتباع ثلاثة أساليب لعرض أي موضوع، بالبدء بالأسلوب الرقيق أولا لكي لا ينفر رقيق القلب مثل القول أني أخاف على صحتك وأني أريد لك السعادة ومن ثم زيادة القوة في الكلام بأن يقول مثلا أن هذا يضيع مالك وصحتك ومن ثم زيادة القوة في القول بأنه من الممكن أن يصيبك أمراض خطيرة مثل السرطان و غيرها.
استاذ الهندسة الطبية في الجامعة الهاشمية
www.quran-miracle.com 1. فعلى سبيل المثال يجذب الله عز وجل انتباه اليهود للقرآن الكريم عن طريق مخاطبتهم بقوله: "يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" (سورة البقرة (آية 47)، فيلتفت بنو إسرائيل لهذا الخطاب بمدحه لهم و بذلك ينصتوا لما يريد الله عز وجل أن يبلغهم إياه. 2. ويجذب الله عز وجل انتباه النصارى بخطابهم بآهل الكتاب، أي يا أصحاب الكتب والمعرفة، فيجذب الله عز وجل انتباه بمدحهم لهم. 3. الإنسان الذي يحب العلم والأسلوب العلمي يحببه الله عز وجل بالقرآن الكريم بأن القرآن يحتوي على كافة المعارف من فيزياء، كيمياء، هندسة، فلك. فيأتي هذا الإنسان ليرى هذه المعارف في القرآن وفي ذلك فإنه يرى العقيدة و فهم الخالق وبذلك يكون هذا سببا في هدايته إن شاء الله تعالى. 1. أسلوب الرقة: بأن يخاطب الله عز وجل الإنسان رقيق القلب بعبارات مثل: "أن ذلك من عزم الأمور"، "أن الله يحب المحسنين"، "رضي الله عنهم و رضوا عنه". 2. أسلوب متوسط القوة: بأن بخاطب الله عز وجل الإنسان الذي لديه شيء من قساوة القلب بعبارات مثل: "فبشرة بعذاب أليم"، "عذاب مهين" 3. أسلوب فيه قوة: بأن يخاطب الله عز و جل الإنسان قاسي القلب بقوة مثل: "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب"
منقول
الأحد سبتمبر 27, 2009 3:42 am من طرف اليزابيث الأولى بكنجهام