حمص-سانا
تقدم المحميات الطبيعية في سورية بانوراما جميلة للحياة البرية والطبيعية حيث توجد الأشجار والنباتات النادرة والحيوانات بمختلف أنواعها والطيور المألوفة والنادرة، إضافة إلى الزواحف والشجيرات الرعوية.
وتعتبر التليلة المحمية الأولى في سورية التي تأسست بشكل خاص لأغراض الحفاظ على التنوع البيولوجي النباتي والحيواني في منطقة التليلة التي تبعد 30 كم عن مدينة تدمر السورية، حيث تأسست عام 1991 على مساحة 30 ألف هكتار من أراضي البادية السورية، ويحيط بها خندق بطول 75 كم، وقد بدىء بإدخال الأحياء البرية إلى المحمية عام 1996.
وقال المهندس علي حمود المدير العام للهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية إن المحمية كانت نتيجة عمل جماعي طويل في الحقل من قبل فريق وطني ودولي في إطار مشروع الفاو والتعاون الإيطالي الذي كان قيد التشغيل بين عامي 1996 و2004 ، وهو أول مشروع حماية كبير في سورية.
وبين حمود إن المشروع يتكون من المحمية وثلاث جمعيات لتحسين المراعي وتربية الأغنام هي آرك وعباسية ومنبطح، ويهدف المشروع إلى إعادة توطين الحيوانات المهددة بالانقراض وأهمها الغزلان والمها العربي وإعادة الغطاء النباتي والعمل على استقرار المنطقة والمحافظة على الأنواع النباتية وزيادة التنوع البيولوجي وفتح المجال للدارسين والطلاب بالاستفادة من إمكانات المحمية في مجال البحث العلمي على النباتات والحيوانات الموجودة والقيام بإرشاد السكان المحليين عن طريق نظام المشاركة الشعبية لما فيه نجاح المشروع واستمراره.
وأوضح حمود أنه تم السماح لقطعان الإبل من جمعية تدمر لتربية الإبل للرعي في التليلة، كما سمح للمواطنين بجني محصول الكمأة منها، واتضح أيضاً ضرورة أن تكون أنشطة الجوار متفقة ومتماشية مع أهداف المشروع بما فيها الحفاظ على الأحياء البرية والاستخدام المستدام للمصادر الطبيعية.
من جهته قال الدكتور أحمد قناني مدير محمية التليلة إن المها عاشت في البادية السورية كما أن الغزلان كانت شائعة الوجود حتى فترة قصيرة، ولا يزال البعض منها يعيش في الجبال الواقعة غرب تدمر، مضيفاً إنه تقرر إعادة إدخال هذين النوعين على الوجود التاريخي في المنطقة لغزال الريم من السعودية، والمها العربية من الأردن، فقد أعطيت الأفضلية لإدخالهما، وتم بذل الجهود اللازمة لإعادة إدخال هذين النوعين من الحيوانات، حيث تحصر في قسم مسيج خاص بالغزلان بمساحة 10 كيلومترات مربع.
وبين الدكتور قناني إن الغزلان تكاثرت في المحمية بنجاح ليصل عددها إلى أكثر من 600 غزال، إضافة إلى 15 غزالاً أرسلت هدية إلى الأردن مقابل 15 طائراً من طيور النعام، وبلغ عدد المها إلى 137 رأساً، بالإضافة إلى عشرة رؤوس أرسلت إلى محمية العضامي في حلب. وتم إدخال أربعة رؤوس من الإبل الشامية إلى المحمية بهدف زيادة عدد أنواعها، كما توجد محاولات جادة لإستيراد الحمار البري السوري من الأردن.
وأشار إلى أنه تم تلقيح جميع الحيوانات المستوردة بلقاحات الطاعون البقري والحمى القلاعية وداء الكلب والإجهاض الساري والتهاب الرئة وضد الكلوستريديا عند وصولها إلى المحمية.
وأوضح إنه تم دراسة التنوع الحيوي في المحمية ، حيث اكتشف طائر أبو منجل الذي كان مسجلاً ضمن القائمة الحمراء أي من الطيور المنقرضة، كما تم اكتشاف نوع واحد من الحشرات لم يكن معروفاً عالمياً، حيث تم تصنيفه وأعطي اسم خنفساء التليلة.
وبين قناني إنه تم في المحمية حصر النباتات المتنوعة ومنها المعمرة جداً حيث تسود الشجيرات القزمة والرعوية والرمث والشيح والقيصوم والقيباء السينائي الذي يحول دون التصحر إلى جانب نباتات حولية تعتبر أعلافاً هامة للحيوانات خلال أوقات محددة وفي المحمية تم إحصاء أنواع كثيرة من الحشرات منها العقارب والعناكب مثل الخنافس والفراشات وكذلك البرمائيات ، ونوع واحد من الضفادع و21 نوعاً من الزواحف كالسحالي والثعابين، وتصنيف حوالي 270 نوعاً من الطيور وأكثرها شيوعاً القبرة وأبو بليقة والصرد الزقزاق وأنواع الجوارح، حيث تحولت واحة تدمر إلى معبر وممر مهم لخطوط الطيران المهاجرة، إضافة إلى تصنيف 22 نوعاً من الثدييات.
ولفت قناني إلى أن أهم الثدييات الموجودة في المحمية والتي مثل الثعلب الأحمر والقط الرملي والقط البري وابن آوى والقنافذ تعيش بشكل طبيعي نتيجة الأمان وتوفر الغذاء حتى أصبحت المحمية مرتعا لأعداد كثيرة من الثدييات و الطيور.
وأشار إلى وجود بنى تحتية تناسب السياحة البيئية، مثل مراكز للتوعية البيئية يضم غرفة لعرض الأفلام البيئية، وقاعة مخصصة لعمل الأطفال بالإضافة لمعرض للصناعات التقليدية والنباتات الطبية.
كما يوجد في المحمية مظلة تحوي العديد من ألعاب الأطفال، كما أنشىء برج مراقبة للطيور والحيوانات، والتمتع بمنظري الشروق والغروب.
وقال قناني إن إقامة المحميات الطبيعية خطوة متقدمة في استرجاع مصادر التنوع الحيوي وإكثارها من جديد والنجاح في إدارة التنوع البيولوجي وحماية المصادر الوراثية الناتجة عن إقامة المحميات عن طريق إيجاد طرق عملية ووقائية جديدة تعتمد على المساهمة الفعالة من قبل السكان الذين يعيشون حول المحميات وضمنها وهو الضمان للاستمرار بتحقيق الغايات المنشودة من الحفاظ والصيانة للتنوع البيولوجي وحماية نظام المحميات واستخدامها بشكل عقلاني بل وتحقيق أهدافها التي أنشئت من اجلها.
وأوضح إنه تم تدريب الكادر الوطني على إدارة الحياة البرية، وإعادة تأهيل ومراقبة المراعي و طرق المسح الاجتماعي والاقتصادي، كما تم تدريب المجتمع المحلي وخصوصا الرعاة المختارين من التعاونيات لتمكينهم من الاستفادة من الفرص المدرة للدخل والمرتبطة بالتنمية، واختيار الأدلاء السياحيين منهم، إضافة إلى تدريب النساء المحليات على التطريز والخياطة، وجمع النباتات الطبية.
وأضاف قناني إن طاقة المحمية الاستيعابية للرعي تقدر بنحو 1800 رأس من الجمال لعدة شهور، وقد كان حوالي 1200 رأس من الجمال كرقم وسطي ترعى في المحمية سنوياً، دون أن تؤثر على الشجيرات العشبية في سنوات الجفاف، وهذا يؤكد فوائد الاستخدام الحكيم والإدارة المستدامة للمراعي.
كما توجد بالقرب من المحمية تجمعات بدوية متنقلة تقدم صورة عن حياة السكان في البادية، من البساطة في المأكل والمشرب، حيث تدار القهوة المرة في المضافات من خيم وبيوت متنقلة، إضافة إلى المناسف التي تقدم للضيوف.
ويوجد في المحمية بئر للمياه الكبريتية تبلغ درجة حرارته 53 درجة مئوية، وهو مفيد للأمراض العصبية والجلدية.
وختم قناني إنه تمت زراعة أكثر من ستمئة شجرة نخيل في مدخل المحمية للمحافظة على هذه الثروة، ويستطيع السائح أن يتجول مع الدليل السياحي والبيئي المتخصص بالمحمية، مع مراعاة القوانين الخاصة بالمحميات، ويمكنه التجول في هذه المحمية بحرية، ويجد كل مايحتاجه من مطاعم وكافيتريات ومحلات، حيث يمكن للسائح أن يقضي نهاره كاملا في المحمية.
تقرير: وائل حويجة